بحـث
المواضيع الأخيرة
نوفمبر 2024
الإثنين | الثلاثاء | الأربعاء | الخميس | الجمعة | السبت | الأحد |
---|---|---|---|---|---|---|
1 | 2 | 3 | ||||
4 | 5 | 6 | 7 | 8 | 9 | 10 |
11 | 12 | 13 | 14 | 15 | 16 | 17 |
18 | 19 | 20 | 21 | 22 | 23 | 24 |
25 | 26 | 27 | 28 | 29 | 30 |
الإسلام والتعايش السلمي بين الأديان والقوميات المختلفة
:: بحوث 3/3
صفحة 1 من اصل 1
الإسلام والتعايش السلمي بين الأديان والقوميات المختلفة
تحتل قضية التعايش بين الإسلام والأديان والقوميات المختلفة مركز الصدارة لدى الباحثين والساسة على خلفية الإحتقان والتضاد الذي يتمظهر من خلال إطروحات حرب الحضارات أو حرب الإرهاب المتبادلة. ومع تزايد وتيرة الصراع طُرحت أسئلة جوهرية عن الإسلام كديانة فيما إذا كان مصدراً معرفياً للعنف والتصادم الإنساني أم لا، وأُثيرت تساؤلات عميقة عن الأسس البنيوية للتعايش من وجهة نظر الإسلام وفيما إذا كان بمقدوره التأسيس لتجارب إنسانية متناغمة ومنسجمة ومسالمة داخل إطاره الخاص أو في تعاطيه مع الأديان والقوميات الأخرى. حقيقة إنَّ تجارب العنف المنتج للتصادم بدل التعايش حقيقة متجددة ومصاحبة للجنس البشري عبر التأريخ فهي ليست حكراً على أتباع ديانة أو مذهب معين، ولعل الثورات والحروب وأشكال الإحتلال عبر التأريخ ليست سوى تعبيراً عن كونها مسألة إنسانية مشتركة كانت وما زالت وستبقى، والسبب في الغالب لا يكمن في الأساس المعرفي للدين بقدر ما يكمن في الإنسان ذاتاً، فالإنسان ومنذ تجربته الإجتماعية الأولى اختلف وما زال مع أخيه الإنسان بسبب الصراع على امتلاك وإدارة السلطة والثروة، وما صراع العقائد والإيديولوجيات سوى مظهر للصراع الحقيقي حول السلطة والثروة في تطبيقاتهما المتنوعة، وغالباً ما يتم لوي عنق الحقائق الدينية والإنسانية لخدمة شهوة السيطرة والسطوة الإنسانية الشرسة. المشكلة إقتران الإسلام بالعنف وتضاده مع التعايش يرجع لعدة من العوامل منها:
أولاً: الجهل البسيط أو المركّب، البريء والمغرض بالإسلام كمنظومة متكاملة من القيم والمباديء والتشريعات والناتج عن الفهم المبتسر والجزئي والإنتقائي والمصلحي والعدائي.
ثانياً: إزدهار الإنغلاق الإنساني المتبادل نتيجة إتساع الهوة بين العمق الحضاري للحضارات الإنسانية مما أنتج بيئة فكرية وسياسية مأزومة بالإستقطاب المنغلق والنافي للآخر جراء الجهل به أو تضارب المصالح معه.
ثالثاً: عدم اكتمال البناء الحضاري على مستوى الهوية والدولة للمجتمعات المسلمة بسبب إرث الإستعمار وفشل مشروع الدولة الوطنية وتناحر المدارس القومية واليسارية والإسلامية في بناء الإنسان والمجتمع والدولة.
رابعاً: إعطاء صبغة التقديس لفكر سياسي دّيني مُحدد كقراءة أوحدية لرؤية الإسلام لنمط التجربة الإجتماعية والسياسية، وعدم الإعتراف بالقراءات الفكرية الدينية الأخرى التي تُحاول حل الأزَمة الإجتماعية والسياسية والحضارية وفق مضامين تلتقي كُلياً مع الدّين من حيث الروح والمقصد، وهذه الإشكالية التي نُعاني منها إنما أنتجها منهج التوحيد بين الدّين والفكر الديني في تأسيس الطروحات وإقرار البرامج الوطنية. إننا نعتقد أنَّ هناك فرقاً بين الدّين والفكر الديني، فالدّين كحقائق والثابت بالنصّ ودلالة القول والفعل والإقرار اليقيني إنما يؤسِّس لدلالات مرجعية تُعتبر هي الحَكَم على تعدد القراءات الدينية وطبيعتها ونتائجها، بخلاف الفكر الديني فهو لا يمثّل مرجعية بذاته كونه قراءة بشرية للحقائق الدينية تقترب أو تبتعد في فهمها وجُهدها واجتهادها من الدّين نفسه، من هنا كان لدينا فكراً دينياً أصيلاً أو هجيناً، منفتحاً أو مُنغلقاً.. وما ذاك إلاّ لأنَّ الدّين غير الفكر، فالفكر قراءة بشرية والدّين حقيقة إلهيّة،.. لذا لا مكان للإدعاء بقدسية الفكر بالمعنى التنـزيهي الخارج عن النقد والرفض والقبول لأنه قراءة إنسانية للدّين الإلهي، وإنما المُقدّس والمُنـزّه هو الدّين ذاته،.. ويُؤسَّس على هذا القول شرعية أية قراءة فكرية ما دامت تستند الحقيقة الدينية وتقوم عليها وتستوحي مقاصدها وغاياتها من نفس الحقيقة الدينية، وعليه فلا مجال موضوعي لإحتكار التفسير للحقيقة الدينية بدعوى شرعية هذا الفكر أو ذاك مما يُنسب إلى الدّين،.. من هنا فمقاربة الدّين والديمقراطية والتعايش ..الخ تعتمد ذات هذه المنهجية في الوصول إلى نتائج المطابقة أو المنافرة بينهما، وهو ما يجب وعيه من قِبَل الإسلاميين وسواهم.
خامساً: عدم التفريق بين الدّين والتجارب الإنسانية المؤسَّسة على أساسه، واعتبار تجربة إنسانية دّينية هنا أو هناك مرجعاً في تحديد الموقف دون الرجوع إلى الدّين نفسه لإستبيان موقفه الحقيقي من التطورات التأريخية في مجالات الفكر والمناهج المُستحدَثة،.. وهنا يتم إسقاط تجربة إنسانية على الدّين نفسه فيختلط في حرم الوعي القيم كمرجعية، والتطبيق كجهد يقترب أو يبتعد عنها، مما أنتج لدينا استدعاءاً لأنماط متشددة في النظر والتعامل مع الآخر.
سادساً: عدم إدراك الإسلاميين لحركية الواقع بأنساقه وآلياته المعقدة والتعاطي وإياه كفراغ ينتظر إحلال النظريات والمقولات لتطبيقها، وهو ما أدّى إلى اندثار فقه الواقع وفقه التزاحم وفقه الأولويات التي تتعاطى مع الواقع على أساس حركيته الدائمة المتجددة في عروضها،.. وهي إشكالية أنتجت فيما أنتجت الوقفية والركود في حركة الهضم الواقع، وحالت دون القيام باستيعاب المناهج والآليات الجديدة القادرة على إيصالنا لنفس المقاصد.. فتجاوزنا بذلك العديد من القواعد المتعاطية مع الواقع بمرونة كالقواعد القائلة بتجدد الأحكام بتجدد الزّمان، وثبات الغاية لا يقتضي ثبات الوسيلة. هذه وغيرها أنتجت الإنغلاق فتنامى التطرف.
سابعاً: تنامي مغذيات العنف وانزواء مقومات التعايش بسبب ثقل الأزمات الإقتصادية والإجتماعية والسياسية في البلدان الإسلامية مما أدى إلى بروز الخطاب المتشدد على حساب الخطاب المعتدل.
ثامناً: إرهات بؤر التوتر السياسي وإسقاطاتها على الواقع مما يغذي فلسفة التضاد والتنافر مع الآخر الإنساني والديني (فلسطين، العراق- نموذجاً).
تاسعاً: التأثير السلبي للصورة النمطية التي تصور المسلم كمادة للعنف والإرهاب والتي تسوّقها العديد من الحضارات الأخرى، مما يغذي نزعات الإنعزال ويصعّب التلاقح الحضاري المنفتح مع الآخر.
عاشراً: محاولة البعض إعطاء صبغة دينية للإختلاف الديني مع المسلمين كمقولة حرب الحضارات، الأمر الذي يُصعّب عمليات التلاقح والإندماج الحضاري، مما يؤجج العنف وعدم التسامح. الإسلام والتعايش سنناقش الموضوع من وجهة نظر قيمية، ويبقى الجهد الأساس لترسيخ التعايش مرتبط بمديات جدية النخب الفكرية والسياسية الصانعة للقرار. التعايش نتيجة وليس بسبب، ولتحقيقه لابد من تلمّس الأسباب المنتجة له، وهنا فالحديث يتركز عن الأسس القيمية للإسلام والتي يمكن اعتمادها لينتج لدينا التعايش مع الآخر المختلف دينياً أو قومياً. - من وجهة نظرنا أقام الإسلام رؤيته للإنسان على أساس استخلافه لإعمار الأرض {وإذْ قَالَ رَبُّكَ للملائكَةِ إني جاعِلٌ في الأرضِ خَليفة..} 30 البقرة، ومن مقتضياتها العقل والإرادة والإختيار الحر، فالإستخلاف هنا حركة واعية وحُرّة، ولا جوهر لها مع انتفاء الإرادة والإختيار، فعندها ستغدو قانوناً جبرياً يصدق على الإنسان كما يصدق على الجماد، ولإنعدمت حركة التأريخ ولساد الجبر،.. واقتران الجزاء في الدنيا والآخرة مقترن بالحرية والتأسيس القائم على ضوئها، من هنا كان للعمل الإنساني أصالة {فاستَجابَ لهُم ربُّهُم أنَّي لا أُضيعُ عَمَلَ عاملٍ منكُم من ذَكرٍ أو أُنثى..} 195 آل عمران، لأنه مقترن بالقدرة على الإختيار{إنَّا هَديناهُ السّبيلَ إمَّا شاكراً وإمَّا كفوراً} 3 الإنسان، ومن هنا أيضاً تترتب عليه النتيجة{فَمنْ يعمل مِثقَالَ ذَرّةٍ خَيراً يَرَه. ومَنْ يعمل مِثقالَ ذَرَّةٍ شَرّاً يَرَه} 7-8 الزلزلة. ويقوم على ذلك كله تأصيل الإختيار ونفي الإكراه{لا إكرّاهَ في الدّين..} 256 البقرة، {ولو شَاءَ رَبُّكَ لآمَنَ مَنْ في الأرضِ كُلُّهم جميعاً أفَأنتَ تُكرِهُ النَّاسَ حتّى يكونوا مُؤمنين} 99 يونس، إنَّ حزم الإسلام للإكراه بكل صوره وبالذات الإكراه العقائدي نابع من كونه يعطل العقل ويُنتج الطاعة المستندة إلى الكراهية.. ويؤسَّس على ذلك حرية التعبير عن العقيدة والرأي والفكر والضمير كتوابع لرفض فكرة الإكراه،.. وهو ما يقود إلى الإعتراف بالآخر وقبوله فينتج التعايش. - كما أقام الإسلام رؤيته على وحدة الأصل الإنساني ووحدة نوعه وهويته بعيداً عن أي تمايز بسبب الدين أو العِرق أو اللون أو المال أو الطبقة {يا أيُها النّاسُ اتقوا ربّكُم الذي خلقكُم من نفسٍ واحدةٍ..} النساء 1،{يا أيّها النَّاس إنّا خَلَقنَاكُم مِن ذَكَرٍ وأُنثى وجَعلنَاكُم شُعُوباً وقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إنَّ أكرَمَكُم عِنَدَ اللهِ أتقَاكُم إنَّ اللهَ عَليمٌ خَبير} 13 الحُجُرات، ويؤسَّس عليه نبذ التمييز والدونية والإنغلاق، وإشاعة التكافؤ والمساواة والإنفتاح.. وهو ما يقود إلى الإعتراف بالآخر وقبوله فينتج التعايش. - كما أكد الإسلام على الكرامة الإنسانية الفريدة {ولقدَ كَرَّمنا بَني آدمَ..} 70 الإسراء، التي ترفض الظلم والإستبداد والإضطهاد، لذا أكسب الإنسان حق الحياة وحق العدل وحق التكريم وحق الأمن.. وهي حقوق أصيلة وحقيقية غير اعتبارية أو طارئة، وعلى أساسها ينظر الإسلام للإنسان مطلق الإنسان،..وهو ما يؤسس إلى الإعتراف بالآخر وقبوله فينتج التعايش. - من جانب آخر، تُقر النظرة الدينية الإختلاف كسُنّة تتقوم بها الحياة وتقوم عليها الحركية الإنسانية التأريخية {ومِنْ آياتِهِ خَلقُ السَّمواتِ والأرضِ واختلافُ ألسنتكُم وألوانكُم إنَّ في ذَلِكَ لآياتٍ للعَالِمين} 22 الرّوم، وهو ليس اختلاف تضاد بل اختلاف تكامل فالتشابه يقضي على إمكانية نشوء الحياة والحركة الإنسانية،.. ويستتبع ذلك الإقرار بحقيقة التعددية في الحياة الدنيا {قُلْ كُلٌّ يعملُ على شَاكِلَتِهِ فَربُّكُم أعلَمُ بِمَنْ هُوَ أهدَى سَبيلا} 84 الإسراء، {ولِكُلٍ وِجهَةٌ هو مَوَلِّيها فاستبِقُوا الخيرَات..} 148 البقرة، {..لِكُلٍ جَعَلنا شِرعَةً ومنهَاجاً ولو شَاءَ اللهُ لَجَعَلَكُم أُمةً واحِدةً ولكن لِيَبلُوَكُم فيما آتَاكُم..} 48 المائدة،.. من هنا يستلزم الواقع الإعتراف بوجود الآخر المختلف سواء في العقيدة أو المنهج بغض النظر عن رأينا بعقيدته ومنهجه استناداً إلى حقيقة الإختلاف وما ينجم عنها من تعددية في الحياة التي تتخذ صور التعددية في الفكر والعمل والسياسة،.. وهو ما يقود إلى الإعتراف بالآخر وقبوله فينتج التعايش. – من جانب آخر يجهد الإسلام في محاربة الإستبداد باعتباره جذر الكوارث التي تشل الحياة وتُعطل مقومات الإنسانية من حرية وإبداع وتطوّر،.. وهنا تجب الإشارة، إلى أنَّ الإسلام لم يؤكد على مبدء أو قيمة أو مَعلَم أكثر من تأكيده على العدل والقسط.. حتى أنه جعل إقامة القسط من أهم غايات النّبوات وأهداف الكِتاب {ولَقَد أرسَلنَا رُسُلَنَا بالبَيِّنَاتِ وأنزَلنَا معهُمُ الكِتَابَ والمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بالقِسط..} 25 الحديد، من هنا جاء التأكيد بوجوب إقامة وإشاعة العدل باعتباره عماد ومقياس أية تجربة، وفي طليعة استحقاقات العدل إقرار حقوق البشر ونفي استعبادهم وظلمهم واستغلالهم ومصادرة حقوقهم في الولاية على أنفسهم. إنَّ الإسلام يربط التجربة الإنسانية بمبدأ العدل لا بالإيمان، ففكرته تقدس التحرر المضاد للظلم بكافة صوره، من هنا يقدّم الكافر العادل على المسلم الظالم، ومقولة النبي (ص) بحق ملك الحبشة النصراني جسدت هذا المبدأ: (لأنَّ فيها ملك عادل لا يظلم عنده أحدا). كما أنَّ الإسلام لا يربط العداوة مع الآخر بالكفر بالعقيدة، كلا بل يربط العداوة بالظلم سواء من داخل الدائرة الدينية أو خارجها،.. لذا تراه يعترف بالحب للمخالف العقائدي (ها أنتم هؤلاء تحبونهم ولا يحبونكم) ( إنَّ الله لا ينهاكم عن الذين لا يقاتلونكم في الدين ويخرجونكم من دياركم أن تبروهم وتقسطوا إليهم..). إنَّ في نفي الإسلام للظلم وهظم الحقوق تأكيد على قدسية الإنسان والحياة بالمطلق كأصل دون أية لواحق إضافية أخرى،.. وهو ما يؤسس ويقود إلى الإعتراف بالآخر وقبوله فينتج التعايش. الإسلام وقضية التنوع والإختلاف لعل قضية التنوع والإختلاف بين أبناء النوع الإنساني من أهم التحديات التي تحول دون التعايش، فلطالما أنتج الإختلاف -المؤسَّس على التنوع- التناحر والتصادم جرّاء الفشل في وعي حقيقة الإختلاف ومديات استحقاقاته الطبيعية والحلول المقترحة للحيولة دون جعله أزمة تشل الحياة الإنسانية وتقضي على إمكانات إبداع تجارب التعايش والتناغم الإنساني والوطني. ولعلي لا أجانب الحقيقة إن قلت: بأنَّ معظم إشكاليات واقعنا الإنساني الحالي تصدر عن وعي مغلوط لحقائق الحياة،.. وهذا الوعي هو ما يؤسَّس عليه من قِبَل العديد لصياغة واقعنا الجديد. إنَّ قضايا وممارسات التصفية والعزل والتهميش والإقصاء المتقابل بين أفراد وشرائح الإنسانية غدت شاخصة في سلوكنا العام، وهي تصدر في أغلبها الأعم عن جهل وعن وعي منحرف لقواعد الحياة وشروط إنجاز التجربة الإنسانية التأريحية، وهنا تأتي قضية التنوع والإختلاف الإنساني كإحدى موضوعات الفهم الخاطيء الذي يُؤسَّس عليه الكره والعزل والتصادم. إنَّ شعور الخلاف القائم على اختلاف خصوصياتنا العقائدية والقومية أسقط فعلنا الإنساني في مستنقع التقابل الصارم بين التعايش والتصادم إنطلاقاً من الفهم الخاطيء للخصوصية العرقية والطائفية والسياسية والدينية ومديات تكوينها وفعلها واستحقاقاتها، وكأننا نختزن أنَّ إقامة أية تجربة إنسانية تستدعي تشابهنا المضموني وتماثلنا التكويني وإلاّ سقطت التجربة وساد التضاد!! من هنا نلمس إسقاطات هذا الفهم على واقعنا الجديد والمتمثل بعدم قبول الآخر المختلف عرقياً أو دينياً أو مذهبياً أو سياسياً أو ثقافياً.. إذ أُسِّس على قضية الإختلاف الخلاف ثم الهيمنة أو النفي والإقصاء، فكونك مختلف عني في العرق أو الديانة أو الطائفة أو الثقافة.. فسأعمل للهيمنة عليك أو نفيك وإقصائك عن الموقع والإمتياز والإستحقاق، وهو وعي يختزن وجوب التماثل بين الناس وتوحدهم العقيدي والفكري والعرقي.. وهو خلاف سنة الكون وطبيعة الأشياء. إنَّ الأعم الأغلب منّا لا يعي بأنَّ التنوع والإختلاف يؤسس لثلاث ركائز وجودية كبرى تقوم عليها الحياة، وهي: الجمالية والتكامل والإبداع، فالجمال رهن التنوع والإختلاف في الماهية والهيئة والوظيفة وفيما لو ساد التماثل قَضي على الجمال بكل أنواعه وأطيافه. والتكامل ناتج عن التنوع لعجز أية مفردة في الخلق على الإنفراد بذاتها فلابد من تكاملها مع الآخر النوعي لتنتج الحياة. والإبداع حاصل كل جنس ونوع وذات في سُلَّم الخلق وهو لا ينتج إلاّ على أرضية التنوع كون التماثل ينفي مُركّب الإبداع الذي تحتاجه الحياة لتطوّرها. وتأسيساً على هذه القاعدة الكونية لابد وأن نتعاطى وقضية الإختلاف بروح القبول والتعايش، وهو جزء من وعي السنن الكونية والحياتية في قواعدها الكلية وما يجب أن تنتظم على أساس منها شؤون الحركة الإنسانية في تجلياتها المتنوعة. إننا نعي مسألة التنوع والإختلاف الإنساني على أساس كونها حقيقة صادقة وعلى أساس كونها القاعدة والتماثل هو الإستثناء، ومثل هذا الوعي سيُنتج الإعتراف بالآخر المختلف والقبول به والتعايش معه. ولعل خير مصداق قرآني بنيوي يؤسس للتكامل الإنساني على أرضية الإختلاف والتنوع.. هو ما تناولته الآية المباركة{يا أيّها النَّاس إنّا خَلَقنَاكُم مِن ذَكَرٍ وأُنثى وجَعلنَاكُم شُعُوباً وقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إنَّ أكرَمَكُم عِنَدَ اللهِ أتقَاكُم إنَّ اللهَ عَليمٌ خَبير} 13 الحُجُرات، إذ تؤكد هذه الآية على جملة من الحقائق الأساسية، منها: أولاً: اتحاد الإنسانية من حيث المصدر، إذ أنَّ البشرية بأجمعها تنحدر من مصدر واحد في الخلقة وهو الله تعالى، ومن سبب موضوعي واحد في التناسل والتكاثر وهو الذكر والأُنثى، وهذا الإتحاد بالمصدر والتوحد بالسبب في الوقت الذي يؤكد وحدة النشوء فإنه يلغي أي تراتب زائف تضعه الإنسانية فيما بينها، فكل قيمة أو مبدأ أو نظرية تحاول تقسيم الإنسانية وتجزئتها خلقياً بسبب اللون أو العِرق أو الإمتياز.. فإنها مرفوضة دينياً لأنها تصطدم مع الطبيعة الإنسانية التي تعود لمصدر واحد لا يعرف التمايز المصطنع الذي تضعه الذوات الفاقدة للسماحة أو اللاهثة وراء الإمتياز من خلال العبث بوحدة هذا الخلق وتساويه في الطبيعة والحق والواجب، ودليل ذلك الّلغة التي استخدمتها الآية المباركة إذ أُفتتحت بخطاب عام للنّاس دون أية فوارق أو تمايزات ذاتية أو خارجية مُكتسبة لاحقاً {يا أُيّها النّاس}، لتؤكد وحدة مصدر الخلق {إنّا خَلقنَاكُم}، ولتؤكد وحدة السبب الموضوعي في إنتاج التكاثر {من ذَكَرٍ وأُنثى}، والهدف هو توكيد اتحاد الإنسانية من حيث النوع والهوية والجوهر،.. من هنا فلا قيمة لأي اعتبار زائف يُصادر هذه الوحدة التكوينية للإنسانية من خلال مصادرة استحقاق هذا الإنتماء الإنساني المشترك في التكافؤ والمساواة. ثانياً: الجعل التكويني للتنوع الإنساني، فالآية المباركة تؤكد أنَّ التنوع الإنساني القائم على أساس الشعوب والقبائل هو حقيقة خلقية غير زائفة أو مصطنعة، فالجعل هنا {وجَعلنَاكُم شُعُوباً وقَبَائِلَ} هو جعل تكويني أي خلقي مقصود من الله تعالى، وهذا الجعل يؤدي بالضرورة إلى التنوع الإنساني على أساس النّسب والتشكّل في كل مقطع زمني من حياة الإنسانية عبر التأريخ، وهنا فهذا التنوع يُعتبر جوهر حقيقي لا يستمد وجوده من الإعتباريات الإنسانية الناتجة عن المواضعة أو الإنتزاع بل يستمد وجوده من الخالق الموجد لهذا الجعل التكويني، فالخالق تبارك وتعالى هو الجاعل هنا، أي هو الخالق لهذا التنوع الإنساني، ويؤسَّس عليه ضرورة الإعتراف والتمكين لهذا التنوع الإنساني، فلا يملك أي فرد أو أية جماعة حق إلغاء هذا التنوع في الخلق واستحقاقات الخصوصية الذاتية لكل جماعة إنسانية تختلف في العِرق أو اللون أو الّلغة.. إنَّ كافة هذه الإختلافات طبيعية بذاتها كونها تقوم على حقيقة الإختلاف المُنتج للتنوع في الخلق الإنساني {ومن آياتِهِ خلق السموات والأرض واختلاف ألسنتكم وألوانكم..}22 الروم. ثالثاً: الفاعلية الإنسانية كعلّة لهذا التنوع، فهذا التنوع الخلقي {شُعُوباً وقَبَائِل} يقوم على أساس قاعدة كونية كُبرى تعتبر الإنسان مطلق الإنسان جزءاً من منظوماتها الوجودية، وهي: أنَّ الكون لا يمكنه الحركة والفاعلية والإبداع إلاّ وفق قواعد وآليات الإختلاف المنتج للتنوع، فعنصر الإختلاف هو قاعدة الخلاقية والإبداع الكوني كونه ناتج التفاعل العقلي والروحي والعضوي بين مكونات الكون على تعدد صوره وأجزاءه وأنواعه العاقلة وغير العاقلة {ومن كلِ شيءٍ خلقنا زوجين} 49 الذاريات، فالتشابه والتماثل يقضي على إمكانية نشوء الحركة والتدافع الكوني والوجودي المطلوب لنشوء الحياة،.. فهل يمكن أن نتصور نشوء حياة ما مع تشابهنا التكويني وتماثلنا المضموني؟! وهل يمكن تصوّر حركية كونية مع قيمومة التماثل الكوني في النوع؟! أبداً، فذلك سيقود إلى استحالة إبداع أو إنشاء أية حركة كونية وتجربة إنسانية. ويؤسَّس على هذا ضرورة الإعتراف والإحترام لنتائج هذا التنوع فيما يقود إليه من خصوصيات ذاتية لأي فرد أو جماعة بشرية. من جهة أخرى: إذا كان التنوع هو جوهر الحركة والفاعلية الإنسانية، فما هو السبيل لحل مشكلة الخلاف الناجم عن اختلاف الذوات الفردية والجماعية المتشكّلة بفعل التمايز المُنتَج على أساس التنوع؟ فالإختلاف سيقود إلى تمايز كينونة الأول عن الثاني عن الثالث… في رحم الحياة، وسيأخذ هذا التمايز أشكالاً متعددة في التعبير عن ذاته معرفياً وثقافياً وتجريبياً.. وهو ما سيقود إلى الخلاف. رابعاً: حقيقة التعارف لحل إشكالية الخلاف: وهنا يطرح الدّين مبدأ التعارف كأساس تلتقي عليه وحوله الذوات الفردية والجماعية لتوجيه هذا الإختلاف والتنوع الإنساني الضروري كي يكون رحمة لا نقمة، من خلال إنتاجه لقواعد الإعتراف المتبادل والتلاقي والتناغم والتعاون المشترك لإنتاج تجارب العدل والخير على أرضية المساواة والتكافؤ والإعتراف والتعايش المتبادل بين الجماعات الإنسانية على اختلافها وتنوعها. إنَّ الأداة والآلية الموضوعية لإنفتاح الشعوب والأُمم الإنسانية المتنوعة على بعضها البعض يستند في العُرف الديني على قاعدة التعارف {لِتَعَارَفُوا} كأساس تنفتح من خلاله أبواب التناغم والتعايش الإنساني، فالتعارف وفق هذه الرؤية إنما هو حقيقة موضوعية تنتج عن التنوع، فلولا التنوع لإنتفى التعارف، فلا قيمة له إلاّ مع هذا الجعل التكويني الذي ميّزنا إلى شعوبٍ وقبائل وأُمم، فيكون التعارف هو الإطار الإنساني التبادلي في الإعتراف والمعرفة والتأثير والإستفادة المتقابلة ضمن تدافعية إنسانية هادفة ونامية ومُنتجة لحل مشكلة الخلاف الناجم عن الإختلاف الطبيعي. خامساً: حقيقة الكرامة، إذ أنَّ الشرف والمنـزلة الواهبة للكرامة الحقيقية في ساحة الوجود تتأتى من خلال تأطير الخلاف الإنساني بالقيم والفضائل على صعيد الذات والمحيط الإنساني بغض النظر عن الأطر الخاصة للإنتساب الإنساني إلى شعب وقبيلة وأُمّة، أي بغض النظر عن الخصوصيات الذاتية.. والتقوى {إنَّ أكرَمَكُم عِنَدَ اللهِ أتقَاكُم} في العُرف الديني هي العنوان الجامع لكل المباديء والقيم والفضائل والأخلاقيات الصالحة والسليمة والحقة في حرم الحياة، فالتقوى هي استحضار وتطبيق القيم العُليا الصالحة والهادفة والبنائية في كل فعل يتصدى له الإنسان، إنها فعل الإندكاك بالخير والرحمة والعطاء الذي يأمر بتجسيده الله تعالى في ساحة الحياة، فليست التقوى عنواناً معلقاً في الهواء. فلكي يكون الإنسان متقياً عليه تجسيد مفرادت الخير على الأرض لينال وسام السماء.. ووسام السماء لا يُمنح للظلم والتمييز والشَّر والمنكر، ولن يُنال بالإستبداد والسحق لخصوصيات البشر الذاتية وحقوقهم الطبيعية، بل يُنال من خلال إقرار مباديء العدل والتكافؤ والمساواة والفضيلة الإنسانية وبنبذ أية فوارق تُجزّء الإنسانية أو تحرمها حقها في التعبير والعيش أو تصادر آمالها وتطلعاتها البريئة والصالحة،.. إنَّ هذه القاعدة هي التي تؤسِّس للمجتمع الإنساني الصالح المتحاب والمتآلف.
باحث وسياسي عراقي
" بحث تم تقديمه في مؤتمر ( يد بيد ضد الإرهاب ) الذي عقد في فيينا، يناير 2006 .
أولاً: الجهل البسيط أو المركّب، البريء والمغرض بالإسلام كمنظومة متكاملة من القيم والمباديء والتشريعات والناتج عن الفهم المبتسر والجزئي والإنتقائي والمصلحي والعدائي.
ثانياً: إزدهار الإنغلاق الإنساني المتبادل نتيجة إتساع الهوة بين العمق الحضاري للحضارات الإنسانية مما أنتج بيئة فكرية وسياسية مأزومة بالإستقطاب المنغلق والنافي للآخر جراء الجهل به أو تضارب المصالح معه.
ثالثاً: عدم اكتمال البناء الحضاري على مستوى الهوية والدولة للمجتمعات المسلمة بسبب إرث الإستعمار وفشل مشروع الدولة الوطنية وتناحر المدارس القومية واليسارية والإسلامية في بناء الإنسان والمجتمع والدولة.
رابعاً: إعطاء صبغة التقديس لفكر سياسي دّيني مُحدد كقراءة أوحدية لرؤية الإسلام لنمط التجربة الإجتماعية والسياسية، وعدم الإعتراف بالقراءات الفكرية الدينية الأخرى التي تُحاول حل الأزَمة الإجتماعية والسياسية والحضارية وفق مضامين تلتقي كُلياً مع الدّين من حيث الروح والمقصد، وهذه الإشكالية التي نُعاني منها إنما أنتجها منهج التوحيد بين الدّين والفكر الديني في تأسيس الطروحات وإقرار البرامج الوطنية. إننا نعتقد أنَّ هناك فرقاً بين الدّين والفكر الديني، فالدّين كحقائق والثابت بالنصّ ودلالة القول والفعل والإقرار اليقيني إنما يؤسِّس لدلالات مرجعية تُعتبر هي الحَكَم على تعدد القراءات الدينية وطبيعتها ونتائجها، بخلاف الفكر الديني فهو لا يمثّل مرجعية بذاته كونه قراءة بشرية للحقائق الدينية تقترب أو تبتعد في فهمها وجُهدها واجتهادها من الدّين نفسه، من هنا كان لدينا فكراً دينياً أصيلاً أو هجيناً، منفتحاً أو مُنغلقاً.. وما ذاك إلاّ لأنَّ الدّين غير الفكر، فالفكر قراءة بشرية والدّين حقيقة إلهيّة،.. لذا لا مكان للإدعاء بقدسية الفكر بالمعنى التنـزيهي الخارج عن النقد والرفض والقبول لأنه قراءة إنسانية للدّين الإلهي، وإنما المُقدّس والمُنـزّه هو الدّين ذاته،.. ويُؤسَّس على هذا القول شرعية أية قراءة فكرية ما دامت تستند الحقيقة الدينية وتقوم عليها وتستوحي مقاصدها وغاياتها من نفس الحقيقة الدينية، وعليه فلا مجال موضوعي لإحتكار التفسير للحقيقة الدينية بدعوى شرعية هذا الفكر أو ذاك مما يُنسب إلى الدّين،.. من هنا فمقاربة الدّين والديمقراطية والتعايش ..الخ تعتمد ذات هذه المنهجية في الوصول إلى نتائج المطابقة أو المنافرة بينهما، وهو ما يجب وعيه من قِبَل الإسلاميين وسواهم.
خامساً: عدم التفريق بين الدّين والتجارب الإنسانية المؤسَّسة على أساسه، واعتبار تجربة إنسانية دّينية هنا أو هناك مرجعاً في تحديد الموقف دون الرجوع إلى الدّين نفسه لإستبيان موقفه الحقيقي من التطورات التأريخية في مجالات الفكر والمناهج المُستحدَثة،.. وهنا يتم إسقاط تجربة إنسانية على الدّين نفسه فيختلط في حرم الوعي القيم كمرجعية، والتطبيق كجهد يقترب أو يبتعد عنها، مما أنتج لدينا استدعاءاً لأنماط متشددة في النظر والتعامل مع الآخر.
سادساً: عدم إدراك الإسلاميين لحركية الواقع بأنساقه وآلياته المعقدة والتعاطي وإياه كفراغ ينتظر إحلال النظريات والمقولات لتطبيقها، وهو ما أدّى إلى اندثار فقه الواقع وفقه التزاحم وفقه الأولويات التي تتعاطى مع الواقع على أساس حركيته الدائمة المتجددة في عروضها،.. وهي إشكالية أنتجت فيما أنتجت الوقفية والركود في حركة الهضم الواقع، وحالت دون القيام باستيعاب المناهج والآليات الجديدة القادرة على إيصالنا لنفس المقاصد.. فتجاوزنا بذلك العديد من القواعد المتعاطية مع الواقع بمرونة كالقواعد القائلة بتجدد الأحكام بتجدد الزّمان، وثبات الغاية لا يقتضي ثبات الوسيلة. هذه وغيرها أنتجت الإنغلاق فتنامى التطرف.
سابعاً: تنامي مغذيات العنف وانزواء مقومات التعايش بسبب ثقل الأزمات الإقتصادية والإجتماعية والسياسية في البلدان الإسلامية مما أدى إلى بروز الخطاب المتشدد على حساب الخطاب المعتدل.
ثامناً: إرهات بؤر التوتر السياسي وإسقاطاتها على الواقع مما يغذي فلسفة التضاد والتنافر مع الآخر الإنساني والديني (فلسطين، العراق- نموذجاً).
تاسعاً: التأثير السلبي للصورة النمطية التي تصور المسلم كمادة للعنف والإرهاب والتي تسوّقها العديد من الحضارات الأخرى، مما يغذي نزعات الإنعزال ويصعّب التلاقح الحضاري المنفتح مع الآخر.
عاشراً: محاولة البعض إعطاء صبغة دينية للإختلاف الديني مع المسلمين كمقولة حرب الحضارات، الأمر الذي يُصعّب عمليات التلاقح والإندماج الحضاري، مما يؤجج العنف وعدم التسامح. الإسلام والتعايش سنناقش الموضوع من وجهة نظر قيمية، ويبقى الجهد الأساس لترسيخ التعايش مرتبط بمديات جدية النخب الفكرية والسياسية الصانعة للقرار. التعايش نتيجة وليس بسبب، ولتحقيقه لابد من تلمّس الأسباب المنتجة له، وهنا فالحديث يتركز عن الأسس القيمية للإسلام والتي يمكن اعتمادها لينتج لدينا التعايش مع الآخر المختلف دينياً أو قومياً. - من وجهة نظرنا أقام الإسلام رؤيته للإنسان على أساس استخلافه لإعمار الأرض {وإذْ قَالَ رَبُّكَ للملائكَةِ إني جاعِلٌ في الأرضِ خَليفة..} 30 البقرة، ومن مقتضياتها العقل والإرادة والإختيار الحر، فالإستخلاف هنا حركة واعية وحُرّة، ولا جوهر لها مع انتفاء الإرادة والإختيار، فعندها ستغدو قانوناً جبرياً يصدق على الإنسان كما يصدق على الجماد، ولإنعدمت حركة التأريخ ولساد الجبر،.. واقتران الجزاء في الدنيا والآخرة مقترن بالحرية والتأسيس القائم على ضوئها، من هنا كان للعمل الإنساني أصالة {فاستَجابَ لهُم ربُّهُم أنَّي لا أُضيعُ عَمَلَ عاملٍ منكُم من ذَكرٍ أو أُنثى..} 195 آل عمران، لأنه مقترن بالقدرة على الإختيار{إنَّا هَديناهُ السّبيلَ إمَّا شاكراً وإمَّا كفوراً} 3 الإنسان، ومن هنا أيضاً تترتب عليه النتيجة{فَمنْ يعمل مِثقَالَ ذَرّةٍ خَيراً يَرَه. ومَنْ يعمل مِثقالَ ذَرَّةٍ شَرّاً يَرَه} 7-8 الزلزلة. ويقوم على ذلك كله تأصيل الإختيار ونفي الإكراه{لا إكرّاهَ في الدّين..} 256 البقرة، {ولو شَاءَ رَبُّكَ لآمَنَ مَنْ في الأرضِ كُلُّهم جميعاً أفَأنتَ تُكرِهُ النَّاسَ حتّى يكونوا مُؤمنين} 99 يونس، إنَّ حزم الإسلام للإكراه بكل صوره وبالذات الإكراه العقائدي نابع من كونه يعطل العقل ويُنتج الطاعة المستندة إلى الكراهية.. ويؤسَّس على ذلك حرية التعبير عن العقيدة والرأي والفكر والضمير كتوابع لرفض فكرة الإكراه،.. وهو ما يقود إلى الإعتراف بالآخر وقبوله فينتج التعايش. - كما أقام الإسلام رؤيته على وحدة الأصل الإنساني ووحدة نوعه وهويته بعيداً عن أي تمايز بسبب الدين أو العِرق أو اللون أو المال أو الطبقة {يا أيُها النّاسُ اتقوا ربّكُم الذي خلقكُم من نفسٍ واحدةٍ..} النساء 1،{يا أيّها النَّاس إنّا خَلَقنَاكُم مِن ذَكَرٍ وأُنثى وجَعلنَاكُم شُعُوباً وقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إنَّ أكرَمَكُم عِنَدَ اللهِ أتقَاكُم إنَّ اللهَ عَليمٌ خَبير} 13 الحُجُرات، ويؤسَّس عليه نبذ التمييز والدونية والإنغلاق، وإشاعة التكافؤ والمساواة والإنفتاح.. وهو ما يقود إلى الإعتراف بالآخر وقبوله فينتج التعايش. - كما أكد الإسلام على الكرامة الإنسانية الفريدة {ولقدَ كَرَّمنا بَني آدمَ..} 70 الإسراء، التي ترفض الظلم والإستبداد والإضطهاد، لذا أكسب الإنسان حق الحياة وحق العدل وحق التكريم وحق الأمن.. وهي حقوق أصيلة وحقيقية غير اعتبارية أو طارئة، وعلى أساسها ينظر الإسلام للإنسان مطلق الإنسان،..وهو ما يؤسس إلى الإعتراف بالآخر وقبوله فينتج التعايش. - من جانب آخر، تُقر النظرة الدينية الإختلاف كسُنّة تتقوم بها الحياة وتقوم عليها الحركية الإنسانية التأريخية {ومِنْ آياتِهِ خَلقُ السَّمواتِ والأرضِ واختلافُ ألسنتكُم وألوانكُم إنَّ في ذَلِكَ لآياتٍ للعَالِمين} 22 الرّوم، وهو ليس اختلاف تضاد بل اختلاف تكامل فالتشابه يقضي على إمكانية نشوء الحياة والحركة الإنسانية،.. ويستتبع ذلك الإقرار بحقيقة التعددية في الحياة الدنيا {قُلْ كُلٌّ يعملُ على شَاكِلَتِهِ فَربُّكُم أعلَمُ بِمَنْ هُوَ أهدَى سَبيلا} 84 الإسراء، {ولِكُلٍ وِجهَةٌ هو مَوَلِّيها فاستبِقُوا الخيرَات..} 148 البقرة، {..لِكُلٍ جَعَلنا شِرعَةً ومنهَاجاً ولو شَاءَ اللهُ لَجَعَلَكُم أُمةً واحِدةً ولكن لِيَبلُوَكُم فيما آتَاكُم..} 48 المائدة،.. من هنا يستلزم الواقع الإعتراف بوجود الآخر المختلف سواء في العقيدة أو المنهج بغض النظر عن رأينا بعقيدته ومنهجه استناداً إلى حقيقة الإختلاف وما ينجم عنها من تعددية في الحياة التي تتخذ صور التعددية في الفكر والعمل والسياسة،.. وهو ما يقود إلى الإعتراف بالآخر وقبوله فينتج التعايش. – من جانب آخر يجهد الإسلام في محاربة الإستبداد باعتباره جذر الكوارث التي تشل الحياة وتُعطل مقومات الإنسانية من حرية وإبداع وتطوّر،.. وهنا تجب الإشارة، إلى أنَّ الإسلام لم يؤكد على مبدء أو قيمة أو مَعلَم أكثر من تأكيده على العدل والقسط.. حتى أنه جعل إقامة القسط من أهم غايات النّبوات وأهداف الكِتاب {ولَقَد أرسَلنَا رُسُلَنَا بالبَيِّنَاتِ وأنزَلنَا معهُمُ الكِتَابَ والمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بالقِسط..} 25 الحديد، من هنا جاء التأكيد بوجوب إقامة وإشاعة العدل باعتباره عماد ومقياس أية تجربة، وفي طليعة استحقاقات العدل إقرار حقوق البشر ونفي استعبادهم وظلمهم واستغلالهم ومصادرة حقوقهم في الولاية على أنفسهم. إنَّ الإسلام يربط التجربة الإنسانية بمبدأ العدل لا بالإيمان، ففكرته تقدس التحرر المضاد للظلم بكافة صوره، من هنا يقدّم الكافر العادل على المسلم الظالم، ومقولة النبي (ص) بحق ملك الحبشة النصراني جسدت هذا المبدأ: (لأنَّ فيها ملك عادل لا يظلم عنده أحدا). كما أنَّ الإسلام لا يربط العداوة مع الآخر بالكفر بالعقيدة، كلا بل يربط العداوة بالظلم سواء من داخل الدائرة الدينية أو خارجها،.. لذا تراه يعترف بالحب للمخالف العقائدي (ها أنتم هؤلاء تحبونهم ولا يحبونكم) ( إنَّ الله لا ينهاكم عن الذين لا يقاتلونكم في الدين ويخرجونكم من دياركم أن تبروهم وتقسطوا إليهم..). إنَّ في نفي الإسلام للظلم وهظم الحقوق تأكيد على قدسية الإنسان والحياة بالمطلق كأصل دون أية لواحق إضافية أخرى،.. وهو ما يؤسس ويقود إلى الإعتراف بالآخر وقبوله فينتج التعايش. الإسلام وقضية التنوع والإختلاف لعل قضية التنوع والإختلاف بين أبناء النوع الإنساني من أهم التحديات التي تحول دون التعايش، فلطالما أنتج الإختلاف -المؤسَّس على التنوع- التناحر والتصادم جرّاء الفشل في وعي حقيقة الإختلاف ومديات استحقاقاته الطبيعية والحلول المقترحة للحيولة دون جعله أزمة تشل الحياة الإنسانية وتقضي على إمكانات إبداع تجارب التعايش والتناغم الإنساني والوطني. ولعلي لا أجانب الحقيقة إن قلت: بأنَّ معظم إشكاليات واقعنا الإنساني الحالي تصدر عن وعي مغلوط لحقائق الحياة،.. وهذا الوعي هو ما يؤسَّس عليه من قِبَل العديد لصياغة واقعنا الجديد. إنَّ قضايا وممارسات التصفية والعزل والتهميش والإقصاء المتقابل بين أفراد وشرائح الإنسانية غدت شاخصة في سلوكنا العام، وهي تصدر في أغلبها الأعم عن جهل وعن وعي منحرف لقواعد الحياة وشروط إنجاز التجربة الإنسانية التأريحية، وهنا تأتي قضية التنوع والإختلاف الإنساني كإحدى موضوعات الفهم الخاطيء الذي يُؤسَّس عليه الكره والعزل والتصادم. إنَّ شعور الخلاف القائم على اختلاف خصوصياتنا العقائدية والقومية أسقط فعلنا الإنساني في مستنقع التقابل الصارم بين التعايش والتصادم إنطلاقاً من الفهم الخاطيء للخصوصية العرقية والطائفية والسياسية والدينية ومديات تكوينها وفعلها واستحقاقاتها، وكأننا نختزن أنَّ إقامة أية تجربة إنسانية تستدعي تشابهنا المضموني وتماثلنا التكويني وإلاّ سقطت التجربة وساد التضاد!! من هنا نلمس إسقاطات هذا الفهم على واقعنا الجديد والمتمثل بعدم قبول الآخر المختلف عرقياً أو دينياً أو مذهبياً أو سياسياً أو ثقافياً.. إذ أُسِّس على قضية الإختلاف الخلاف ثم الهيمنة أو النفي والإقصاء، فكونك مختلف عني في العرق أو الديانة أو الطائفة أو الثقافة.. فسأعمل للهيمنة عليك أو نفيك وإقصائك عن الموقع والإمتياز والإستحقاق، وهو وعي يختزن وجوب التماثل بين الناس وتوحدهم العقيدي والفكري والعرقي.. وهو خلاف سنة الكون وطبيعة الأشياء. إنَّ الأعم الأغلب منّا لا يعي بأنَّ التنوع والإختلاف يؤسس لثلاث ركائز وجودية كبرى تقوم عليها الحياة، وهي: الجمالية والتكامل والإبداع، فالجمال رهن التنوع والإختلاف في الماهية والهيئة والوظيفة وفيما لو ساد التماثل قَضي على الجمال بكل أنواعه وأطيافه. والتكامل ناتج عن التنوع لعجز أية مفردة في الخلق على الإنفراد بذاتها فلابد من تكاملها مع الآخر النوعي لتنتج الحياة. والإبداع حاصل كل جنس ونوع وذات في سُلَّم الخلق وهو لا ينتج إلاّ على أرضية التنوع كون التماثل ينفي مُركّب الإبداع الذي تحتاجه الحياة لتطوّرها. وتأسيساً على هذه القاعدة الكونية لابد وأن نتعاطى وقضية الإختلاف بروح القبول والتعايش، وهو جزء من وعي السنن الكونية والحياتية في قواعدها الكلية وما يجب أن تنتظم على أساس منها شؤون الحركة الإنسانية في تجلياتها المتنوعة. إننا نعي مسألة التنوع والإختلاف الإنساني على أساس كونها حقيقة صادقة وعلى أساس كونها القاعدة والتماثل هو الإستثناء، ومثل هذا الوعي سيُنتج الإعتراف بالآخر المختلف والقبول به والتعايش معه. ولعل خير مصداق قرآني بنيوي يؤسس للتكامل الإنساني على أرضية الإختلاف والتنوع.. هو ما تناولته الآية المباركة{يا أيّها النَّاس إنّا خَلَقنَاكُم مِن ذَكَرٍ وأُنثى وجَعلنَاكُم شُعُوباً وقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إنَّ أكرَمَكُم عِنَدَ اللهِ أتقَاكُم إنَّ اللهَ عَليمٌ خَبير} 13 الحُجُرات، إذ تؤكد هذه الآية على جملة من الحقائق الأساسية، منها: أولاً: اتحاد الإنسانية من حيث المصدر، إذ أنَّ البشرية بأجمعها تنحدر من مصدر واحد في الخلقة وهو الله تعالى، ومن سبب موضوعي واحد في التناسل والتكاثر وهو الذكر والأُنثى، وهذا الإتحاد بالمصدر والتوحد بالسبب في الوقت الذي يؤكد وحدة النشوء فإنه يلغي أي تراتب زائف تضعه الإنسانية فيما بينها، فكل قيمة أو مبدأ أو نظرية تحاول تقسيم الإنسانية وتجزئتها خلقياً بسبب اللون أو العِرق أو الإمتياز.. فإنها مرفوضة دينياً لأنها تصطدم مع الطبيعة الإنسانية التي تعود لمصدر واحد لا يعرف التمايز المصطنع الذي تضعه الذوات الفاقدة للسماحة أو اللاهثة وراء الإمتياز من خلال العبث بوحدة هذا الخلق وتساويه في الطبيعة والحق والواجب، ودليل ذلك الّلغة التي استخدمتها الآية المباركة إذ أُفتتحت بخطاب عام للنّاس دون أية فوارق أو تمايزات ذاتية أو خارجية مُكتسبة لاحقاً {يا أُيّها النّاس}، لتؤكد وحدة مصدر الخلق {إنّا خَلقنَاكُم}، ولتؤكد وحدة السبب الموضوعي في إنتاج التكاثر {من ذَكَرٍ وأُنثى}، والهدف هو توكيد اتحاد الإنسانية من حيث النوع والهوية والجوهر،.. من هنا فلا قيمة لأي اعتبار زائف يُصادر هذه الوحدة التكوينية للإنسانية من خلال مصادرة استحقاق هذا الإنتماء الإنساني المشترك في التكافؤ والمساواة. ثانياً: الجعل التكويني للتنوع الإنساني، فالآية المباركة تؤكد أنَّ التنوع الإنساني القائم على أساس الشعوب والقبائل هو حقيقة خلقية غير زائفة أو مصطنعة، فالجعل هنا {وجَعلنَاكُم شُعُوباً وقَبَائِلَ} هو جعل تكويني أي خلقي مقصود من الله تعالى، وهذا الجعل يؤدي بالضرورة إلى التنوع الإنساني على أساس النّسب والتشكّل في كل مقطع زمني من حياة الإنسانية عبر التأريخ، وهنا فهذا التنوع يُعتبر جوهر حقيقي لا يستمد وجوده من الإعتباريات الإنسانية الناتجة عن المواضعة أو الإنتزاع بل يستمد وجوده من الخالق الموجد لهذا الجعل التكويني، فالخالق تبارك وتعالى هو الجاعل هنا، أي هو الخالق لهذا التنوع الإنساني، ويؤسَّس عليه ضرورة الإعتراف والتمكين لهذا التنوع الإنساني، فلا يملك أي فرد أو أية جماعة حق إلغاء هذا التنوع في الخلق واستحقاقات الخصوصية الذاتية لكل جماعة إنسانية تختلف في العِرق أو اللون أو الّلغة.. إنَّ كافة هذه الإختلافات طبيعية بذاتها كونها تقوم على حقيقة الإختلاف المُنتج للتنوع في الخلق الإنساني {ومن آياتِهِ خلق السموات والأرض واختلاف ألسنتكم وألوانكم..}22 الروم. ثالثاً: الفاعلية الإنسانية كعلّة لهذا التنوع، فهذا التنوع الخلقي {شُعُوباً وقَبَائِل} يقوم على أساس قاعدة كونية كُبرى تعتبر الإنسان مطلق الإنسان جزءاً من منظوماتها الوجودية، وهي: أنَّ الكون لا يمكنه الحركة والفاعلية والإبداع إلاّ وفق قواعد وآليات الإختلاف المنتج للتنوع، فعنصر الإختلاف هو قاعدة الخلاقية والإبداع الكوني كونه ناتج التفاعل العقلي والروحي والعضوي بين مكونات الكون على تعدد صوره وأجزاءه وأنواعه العاقلة وغير العاقلة {ومن كلِ شيءٍ خلقنا زوجين} 49 الذاريات، فالتشابه والتماثل يقضي على إمكانية نشوء الحركة والتدافع الكوني والوجودي المطلوب لنشوء الحياة،.. فهل يمكن أن نتصور نشوء حياة ما مع تشابهنا التكويني وتماثلنا المضموني؟! وهل يمكن تصوّر حركية كونية مع قيمومة التماثل الكوني في النوع؟! أبداً، فذلك سيقود إلى استحالة إبداع أو إنشاء أية حركة كونية وتجربة إنسانية. ويؤسَّس على هذا ضرورة الإعتراف والإحترام لنتائج هذا التنوع فيما يقود إليه من خصوصيات ذاتية لأي فرد أو جماعة بشرية. من جهة أخرى: إذا كان التنوع هو جوهر الحركة والفاعلية الإنسانية، فما هو السبيل لحل مشكلة الخلاف الناجم عن اختلاف الذوات الفردية والجماعية المتشكّلة بفعل التمايز المُنتَج على أساس التنوع؟ فالإختلاف سيقود إلى تمايز كينونة الأول عن الثاني عن الثالث… في رحم الحياة، وسيأخذ هذا التمايز أشكالاً متعددة في التعبير عن ذاته معرفياً وثقافياً وتجريبياً.. وهو ما سيقود إلى الخلاف. رابعاً: حقيقة التعارف لحل إشكالية الخلاف: وهنا يطرح الدّين مبدأ التعارف كأساس تلتقي عليه وحوله الذوات الفردية والجماعية لتوجيه هذا الإختلاف والتنوع الإنساني الضروري كي يكون رحمة لا نقمة، من خلال إنتاجه لقواعد الإعتراف المتبادل والتلاقي والتناغم والتعاون المشترك لإنتاج تجارب العدل والخير على أرضية المساواة والتكافؤ والإعتراف والتعايش المتبادل بين الجماعات الإنسانية على اختلافها وتنوعها. إنَّ الأداة والآلية الموضوعية لإنفتاح الشعوب والأُمم الإنسانية المتنوعة على بعضها البعض يستند في العُرف الديني على قاعدة التعارف {لِتَعَارَفُوا} كأساس تنفتح من خلاله أبواب التناغم والتعايش الإنساني، فالتعارف وفق هذه الرؤية إنما هو حقيقة موضوعية تنتج عن التنوع، فلولا التنوع لإنتفى التعارف، فلا قيمة له إلاّ مع هذا الجعل التكويني الذي ميّزنا إلى شعوبٍ وقبائل وأُمم، فيكون التعارف هو الإطار الإنساني التبادلي في الإعتراف والمعرفة والتأثير والإستفادة المتقابلة ضمن تدافعية إنسانية هادفة ونامية ومُنتجة لحل مشكلة الخلاف الناجم عن الإختلاف الطبيعي. خامساً: حقيقة الكرامة، إذ أنَّ الشرف والمنـزلة الواهبة للكرامة الحقيقية في ساحة الوجود تتأتى من خلال تأطير الخلاف الإنساني بالقيم والفضائل على صعيد الذات والمحيط الإنساني بغض النظر عن الأطر الخاصة للإنتساب الإنساني إلى شعب وقبيلة وأُمّة، أي بغض النظر عن الخصوصيات الذاتية.. والتقوى {إنَّ أكرَمَكُم عِنَدَ اللهِ أتقَاكُم} في العُرف الديني هي العنوان الجامع لكل المباديء والقيم والفضائل والأخلاقيات الصالحة والسليمة والحقة في حرم الحياة، فالتقوى هي استحضار وتطبيق القيم العُليا الصالحة والهادفة والبنائية في كل فعل يتصدى له الإنسان، إنها فعل الإندكاك بالخير والرحمة والعطاء الذي يأمر بتجسيده الله تعالى في ساحة الحياة، فليست التقوى عنواناً معلقاً في الهواء. فلكي يكون الإنسان متقياً عليه تجسيد مفرادت الخير على الأرض لينال وسام السماء.. ووسام السماء لا يُمنح للظلم والتمييز والشَّر والمنكر، ولن يُنال بالإستبداد والسحق لخصوصيات البشر الذاتية وحقوقهم الطبيعية، بل يُنال من خلال إقرار مباديء العدل والتكافؤ والمساواة والفضيلة الإنسانية وبنبذ أية فوارق تُجزّء الإنسانية أو تحرمها حقها في التعبير والعيش أو تصادر آمالها وتطلعاتها البريئة والصالحة،.. إنَّ هذه القاعدة هي التي تؤسِّس للمجتمع الإنساني الصالح المتحاب والمتآلف.
باحث وسياسي عراقي
" بحث تم تقديمه في مؤتمر ( يد بيد ضد الإرهاب ) الذي عقد في فيينا، يناير 2006 .
:: بحوث 3/3
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
الثلاثاء 31 مايو 2011 - 3:59 من طرف crazy-boy
» واحده واحده
الأربعاء 18 أغسطس 2010 - 8:32 من طرف crazy-boy
» أفضل الساندويتشات++
الخميس 5 أغسطس 2010 - 7:35 من طرف crazy-boy
» أفضل الساندويتشات+
الخميس 5 أغسطس 2010 - 7:33 من طرف crazy-boy
» أفضل الساندويتشات
الخميس 5 أغسطس 2010 - 7:32 من طرف crazy-boy
» The Karate Kid 2010 R6 DVDRIP
الثلاثاء 3 أغسطس 2010 - 10:53 من طرف crazy-boy
» The Losers 2010
الثلاثاء 3 أغسطس 2010 - 10:52 من طرف crazy-boy
» Knight and Day 2010 TS HQ
الثلاثاء 3 أغسطس 2010 - 10:49 من طرف crazy-boy
» the last airbender
الثلاثاء 3 أغسطس 2010 - 10:47 من طرف crazy-boy